الثلاثاء، يناير ١٦، ٢٠٠٧

كان..أيمن..


- الو
-الو..ازيك يا مني
-الحمد لله
كانت"مني"زميلتي في فصل تعليم العود بدار الاوبرا..ه
تعجبت عندما رايت رقمها علي شاشة هاتفي المحمول لانها كانت المرة الأولي التي تطلبني فيها..ه
- يامن..هقولك علي خبر وحش
هذا ما توقعته بالضبط..لابد ان شيئا ما قد حدث
لم ارد..ا
و هنا بدأ صوتها في التحشرج حتي عرفت الي اي مدي كانت الاخبار سيئة
- ايمن..تعيش انت
....
كان"ايمن"رحمه الله هو مدرس العود في ذات الفصل بدار الاوبرا..ه
لكنه كان اكثر من مدرس..
ربما لتقاربنا في السن..فايمن كان بالكاد قد تجاوز الثلاثين
في البداية لم اصدق..حتي انني في طريقي الي سرادق العزاء تصورت انني ساجده هناك يخرج علينا ضاحكا بوجهه البشوش قائلا"عليكوا واحد"او شيئا من هذا القبيل.. وساعتها سنهرع اليه كلنا و نحتضنه ونلومه علي هذا المزاح الثقيل و نحمد الله وتمضي الايام كما اعتدنا ان تمضي..كان هذا هو السيناريو الذي تصورته وكنت الي حد كبير متوقعا ان يتحقق.. لكن هذا مع الاسف لم يحدث
صرخت في مني- وكانها هي السبب-و لم ادر ما افعل..
فقط وجدت نفسي اطلب اصدقائنا في الفصل لاخبرهم..و كاني كنت احاول ان اجعل الامر حقيقة حولي
كي اصدقه..
ارتديت ملابسي في عجالة وسارت الامور كما تجري في العادة..
و في تلك الليلة..
لم يكن النوم سهلا كالمعتاد..
اخذت ارددها علي نفسي كثيرا كي اصدق
"ايمن مات".."ايمن مات"
ماذا يعني ذلك..لقد كان قبل يومين يجلس امامي يعلمني مقطوعة تركية اسهما"حسرات"-و كانه كان يعلم- وكان احيانا ما يمسك بيدي ليعدلها علي الوضع الصحيح للعزف
اقسم انه كان يلمسني
اين ذهب اذن
لا اجابة
الموت حقيقة اذن..ه
هذا ما خرجت به من تساؤلاتي..و اكتشفت ايضا انني لم اكن اؤمن بالموت كما كنت اظن..ه
كنت فقط اعرف ان الموت موجود..مثلما نعرف جميعا ان كوكب عطارد موجود ايضا..لكن احدا منا لم يره..لم يلمسه احد
كانت هذه هي المرة الاولي التي اري فيها الموت والمسه..ا
فعلت شيئا استغربته فيما بعد في تلك الليلة..ه
امسكت بهاتفي و بحثت في قائمة الاسماء عن اسمه..و ضغطت زر الاتصال
وانتظرت قليلا
وقبل ان ياتني اي رد من ا لناحية الاخري..اغلقت الخط بسرعة
لا اعرف لماذا فعلت ذلك..لكنه كان جنونا علي اي حال
فلم يعد احد يحمل هذا الاسم
و دارت تساؤلات كثيرة في راسي عن الموت و الحياة و العمر وما الي ذلك
و اكذب ان قلت اني قد وصلت الي اجابة علي اي من تلك التساؤلات..ه
فقط ..لم يعد الموت يعني لي مايعنيه كوكب عطارد..صار حقيقة
اليوم..مر علي وفاة ايمن اكثر من اربعة اشهر..ه
و في كل ليلة..اضع رأسي علي وسادتي ..اتساءل
هل حقا مات ايمن..؟
و ادعو له بالرحمة
لانه علمني الكثير..في حياته..و حتي بعد موته
رحمك الله يا ايمن